بغداد . كمال بن يونس
خصصت الورشة الثانية من اليوم الأول في المؤتمر العربي للاعلام في نسخته الرابعة لتقديم ورقات علمية ومحاضرات وتنظيم نقاش بين الخبراء والمشاركين حول ظاهرة استخدام الذكاء الاصطناعي في الاعلام عموما وفي اعلام المناخ خاصة .
وقد وقع تناول الإشكاليات الخاصة بهذه الظاهرة الجديدة من مقاربات نظرية وتطبيقية بناء على دراسات علمية وميدانية وتقييمات لتجارب مقارنة في دول العالم وفي الإقليم العربي .
في هذا السياق قدمت أربعة مداخلات معمقة وقع اثراؤها في حصة المناقشات ، في حصة أدارتها الأستاذة نبيهة بن صالح مديرة إدارة التلفزيون في اتحاد اذاعات الدول العربية :
· مداخلة أولى قدمتها الخبيرة في الاعلام والاتصال في الجامعة التونسية الدكتورة سميرة بالرجب تضمنت عرضا لدراسة معمقة مدعومة بالبيانات والاحصائيات والاستبيانات عن ظاهرة انتاج المحتوى الإعلامي حول المناخ باستخدام الذكاء الاصطناعي .
وناقشت الباحثة خلال عرضها فرضيات ومقاربات مع تقديم تحليل مجموعة كبيرة من البيانات والتطبيقات المقارنة .
كما قدمت قراءة للمحتوى التفاعلي والمشخصن لنماذج من الاستخدام المتعدد الصيغ والاهداف للذكاء الاصطناعي في اعلام المناخ ومواكبة المتغيرات المناخية وانعكاساتها .
وكانت من بين إضافات الورقة العلمية والعرض اللذين قدمتهما الدكتورة سمية بن رجب تقييم التفاعل وتحليل اهتمامات الجمهور على منصات الإعلامي الاجتماعي لإنتاج محتوى ملائم معزز بالذكاء الاصطناعي .
– وفي نفس السياق قدمت الخبيرة العربية الاوربية والمستشارة لدى المفوضية الاوربية المهندسة والدكتورة شادن دياب مداخلة معمقة حول الجوانب التقنية والشروط الأخلاقية المهنية في استخدام الاعلام الاصطناعي في اعلام المناخ .
وخلافا للتقييمات السائدة سابقا والتي كانت تحترز على توظيف الذكاء الاصطناعي في وسائل الاعلام عموما وفي اعلام المناخ والقضايا التنموية والبشرية خاصة ، اعتبرت مداخلة الخبيرة العربية الاوربية والاستاذة في الجامعة الفرنسية شادن دياب أن هذا التوظيف قد يكون فرصة وضرورة وخطة مطلوبة .
لكنها اكدت على مجموعة من الشروط من بينها حماية الخصوصيات والاخلاقيات المهنية لبحث العلمي والصحافة لضمان حسن التوظيف لتقنيات الاستخدام الاصطناعي في اتجاه نشر الوعي بالمخاطر المناخية والطبيعية وانعكاساتها ، وسبل الوقاية منها والتفاعل معها عند وقوعها ثم متابعة اثارها .
ودعت المداخلة الى مزيد من التعاون بين وسائل الاعلام والعلماء والمختصين في الشؤون البيئية والمناخ والمتغيرات الطبيعية ، بما يضمن حسن توظيف الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاتصال الجديدة في مجالات نشر الوعي داخل الرأي العام والتأثير في صناع القرار بأنواعهم .
و أوصت الخبيرة لدة المفوضية الاوربية شادن ذياب بتدريب الإعلاميين والمنخرطين في مشاريع توظيف الذكاء الاصطناعي حتى تنجح خارطة طريق استخدامه في مخططات الوقاية والمعالجة والمتابعة للكوارث الطبيعية والمتغيرات المناخية وبقية المستجدات التي تؤثر في حياة الشعوب ومواردها الطبيعية وظروف الإنتاج والعيش والاستخدام للثروات الطبيعية .
نماذج ناجحة لاتسخدام الذكاء الاصطناعي
– وفي سياق الاستفادة من التجارب المقارنة العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتعميق الدراسات والتقييم لنماذج من السياسات والمخططات المعتمدة في تغطية قضايا المناخ والمتغيرات البيئية والكوارث الطبيعية ، قدمت خلال الجلسة الثانية من ورشات اليوم الأول للمؤتمر الإعلامي العربي مداخلتان عن عينتين ناجحتين الأولى في الصين والثانية في العراق .
قدم المداخلة الأولى عن تجارب النجاح الخبير الصيني ” سان هو Sun Hu” نائب مدير إدارة التعاون الدولي في مجموعة الصين للإعلام ، الذي عرض لنماذج من الاستخدام في الصين المهني للذكاء الاصطناعي في قضايا عديدة من بينها الاعلام المناخي . واعتبر الخبير الإعلامي الصيني ان الإقليم العربي مؤهل لتطوير المنتوج الاخباري والحملات التوعوية التي تعتمد محتويات منتجة بالذكاء الاصطناعي .
– وقدم المهندس البيئي في وزارة البيئة العراقية محسن شباط الشبلي عرضا مهما عن تجربة وصفت بالناجحة والمتميزة في العراق تتمثل في احداث دائرة توعية واعلام بيئي وصحافة مختصة في قضايا المناخ والمتغيرات المناخية .
– ومن بين نقاط القوة ومظاهر النجاح في ” قصة النجاح ” في وزارة البيئة العراقية حسب العرض الذي قدمه الخبير محسن شباط الشبلي أنها تعاونت في نفس الوقت مع خبراء في البيئة والمناخ ومع اعلاميين ومهارات مختصة في الذكاء الاصطناعي .
واعتبرت المداخلتان وحصة النقاش العام أن تجربتي الصين والعراق يمكن اعتبارهما نموذجا لنشر وعي وسط الجمهور والراي العام بمعضلات المتغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية على البيئة والاخطار التي قد تهددها في بعض الحالات على سلامة المواطنين وصحتهم وعلى موارد رزقهم وظروف عيشهم . في المقابل يمكن ان يساعد الذكاء الاصطناعي في نشر الوعي وانجاح مخططات الإنذار المبكر والتدارك وضمان التثقيف المجتمعي والتفاعل الإيجابي بين وسائل الاعلام والجمهور.
واختتمت مداخلات جلسات ورشات اليوم الأول بعرض قدمه الخبير السوري والباحث في جامعة استنبول إسطنبول التركية عبد الله سكر عن فرص توظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في وسائل الاعلام الحديثة المعنية بنشر ثقافة بيئية شاملة والوعي بطرق الرصد المبكر للكوارث الطبيعية والمتغيرات التي تؤثر في التوازنات البيئية وظروف الإنتاج الزراعي والعيش في الأرياف والمدن .
واوصت مداخلة الخبير السوري عبد الله سكر وتدخلات عدد من المشاركين في النقاش العام بعدم اعتبار الذكاء الاصطناعي ” معضلة ” ، بل ب”حسن توظيفه واستخدامه إعلاميا لتوعية الرأي العام والتأثير في سياسات صناع القرار وفي مضامين التي تبثها الإذاعات والقنوات التلفزية والمواقع الالكترونية والصحافة المكتوبة التقليدية والالكترونية .
– واجمالا أكدت المداخلات والمناقشات على حجم المخاطر البيئية وعمق المتغيرات المناخية التي يشهدها العالم وإقليم الدول العربية .
واعتبر اغلب المتدخلين من ممثلي المؤسسات الأممية والجامعات ومراكز الأبحاث ووزارات التنمية والبيئة والاعلام والمشاركون في النقاش العام أن ” استخدام الذكاء الاصطناعي اصبح مفيدا لسياسات التنمية الشاملة والوقاية من المخاطر البيئية والكوارث ” وتوعية عموم المواطنين لحماية حياتهم وصحتهم ومصالحهم وثرواتهم الوطنية والخاصة . لكنهم اكدوا على اعتبار مجموعة من الشروط والثوابت والاخلاقيات .