حاورته سنية الفتوحي
قال حسن عصفور وزير المفاوضات الفلسطيني السابق أن “ما يعيشه الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية والقدس أيضا، من عدوان اسرائيلي همجي، وحرب إبادة على أرضه ومقدساته وتراثه وحضارته ، هو “أم النكبات” ، وهو الأخطر على الإطلاق منذ السابع من اكتوبر 2023، لأن الهدف منه تدمير المشروع الفلسطيني بالكامل الذي وضع أسسه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات منذ سنة 1994 ، واستبداله بمشروع تهويدي بشكل أو بآخر” ، مشيرا الى أن “إسرائيل تتعامل الآن مع الموقف الحالي على أنه فرصة تاريخية لن تتكرر لتحقيق اهدافها التهويدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
واضاف حسن عصفور في تصريح خاص أن، “أجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة رفح جعلتنا أمام كارثة انسانية حقيقية باعتراف العالم ،على اعتبار أن المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة ليست سوى رقعة جغرافية صغيرة لكنها تضم أكثر من مليون نازح فقدوا أبسط مقومات الحياة، وينتظرون الموت في كل لحظة”.
ولفت إلى أن “العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من سنة ونصف سينتهي حالما يتم العثور على من سيدير شؤون غزة لصالح إسرائيل ، لأن المؤامرة على الفلسطينيين باتت واضحة والمعركة منذ عملية (طوفان الاقصى) التي دفع ثمنها غاليا الشعب الفلسطيني ، ليست سوى جزء من مخطط اسرائيلي – أمريكي لفصل غزة عن الضفة الغربية ، والاتجاه نحو فترة انتقالية تم تحديد سقفها مسبقا ، حيث لا سيادة للفلسطينيين ولا أمن شامل ولا حتى حدود واضحة ” وفق تعبيره.
وحول عملية “طوفان الأقصى” وجدواها للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني ، ذكر حسن عصفور أن” العملية في حد ذاتها فيها جوانب
بطولية كثيرة ، والمواجهة مع الكيان الإسرائيلي كانت قوية بلا أدنى شك ، وقد هزت هيبة دولة اسرائيل وجيشها ، لكن في المقابل نجد أن إسرائيل لا تهتم لذلك بقدر اهتمامها بالمحافظة على كيانها ووجودها في المنطقة، ولا مانع لديها أن يموت ألف اسرائيلي مقابل حماية الدولة وبقائها ، وهي التي كانت مقبلة على حرب اهلية واقتتال داخلي، قبل السابع من اكتوبر بين اليمين المتطرف الذي يتزعمه نتنياهو وبين من يعتبرونه فاشلا ولابد ان يرحل عن السلطة”.
ومن وجهة نظر تحليلية لما بعد الحرب في غزة يقول حسن عصفور ، “نحن أمام نزوح داخلي لأكثر من مليون فلسطيني في مدينة رفح التي لا تستوعب أكثر من 300 ألف نسمة، حيث أن جزء هاما منهم معرض للتهجير القسري ، ولكن الأخطر من الحرب في حد ذاتها هو اليوم التالي للحرب ، عندما يتطلع أهل غزة الى قطاع غزة فلا يجدوه، بمعنى أن استخدام عبارة إعادة الإعمار لا يستقيم لأن اسرائيل شطبت التاريخ الفلسطيني ودمرته عبر تدمير المؤسسات والمباني السكنية، والمتاحف والمدارس والجامعات ، وكل الرموز التاريخية والتراثية دون حسيب ولا رقيب ، لكون حليفتها الولايات المتحدة الداعمة لعدوانها على غزة لا تعترف بأن اسرائيل قوة احتلال للأراضي الفلسطينية”.
وحول ما إذا كانت الحرب على غزة مناسبة للأطراف الفلسطينية لتوحيد الصف والمصالحة، أكد حسن عصفور ان “الحديث عن المصالحة الوطنية الفلسطينية يشبه حلم تحرير فلسطين، لأن كل طرف يعتقد أن الفرصة سانحة أمامه للتخلص من الآخر، في غياب وعي وإدارك وطني لديه “، مشيرا في هذا الصدد الى ان” الاعتراف بدولة فلسطين هو الطريق لفرض حل الدولتين وليست المفاوضات ،على اعتبار أن فلسطين كدولة موجودة لكن غير معترف بها ” حسب قوله.
ويؤكد حسن عصفور من خلال تجربته السياسية كمفاوض في اطار السلطة الفلسطينية ضمن مفاوضات مدريد سنة 1990 ومفاوضات أوسلو سنة 1993 وكامب ديفيد سنة 2000 لتحقيق حلم الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس، أن “الحلول كانت ممكنة في السابق لكنها تلاشت الآن فثقافة الاسرائيليين اصبحت توراتية بامتياز، وهم يعتبرون الضفة الغربية والقدس قلب اسرائيل، والهدف بالنسبة لهم حاليا ليس اقامة دولتين وانما جعل المواطن الفلسطيني ملحقا بالدولة الاسرائيلية بلا حقوق كاملة ،ولن يقبلوا بالعودة الى حدود سنة 1964 دون قوة تجبرهم على ذلك وموازين قوى تكون دون حسابات مسبقة” .
وختم عصفور قوله بان حرب غزة هي الاصعب من حيث النتائج الاجرامية وأهدافها الرامية الى تهويد الضفة والقدس، مثلما تمهد لعودة الوصاية ، ورغم أن كل التحركات السابقة كانت بوجود فلسطيني يجلس على طاولة المفاوضات فإن من يرسم مستقبل الفلسطينيين الان هم الاخرون ، وقال “ها نحن امام مخطط صهيوني -أمريكي جديد بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، والامر برمته يمثل خسارة للفلسطينيين رغم قدرتهم الفائقة على المواجهة والكفاح”.
سنية الفتوحي