غزة تقدم للانسانية أكبر درس في الصمود .. بقلم اسيا العتروس

الاسيرة الفلسطينية المحررة إسراء جعابيص

-زيارات ابني و رسائله طوال سنوات الاسر منحتني الامل لاعيش ..

-غزة تقدم للانسانية أكبر درس في الصمود

تونس اسيا العتروس

“موجوعة ” هو عنوان الكتاب الذي حملته الاسيرة الفلسطينية المحررة اسراء جعابيص محنتها خلف اسوار الاحتلال وهي التي احترق نصف جسدها و بترت ثمانية من اصابعها و منع عنها الاحتلال العلاج …في الحديث مع الاسيرة الفلسطينية المحررة اسراء جعابيص درس في المقاومة والصبر والتحمل ولكن أيضا درس في معاني الكرامة الانسانية المفقودة في عالمنا اليوم , يخطئ من يعتقد أن الاعتقال والسجن يمكن أن يكسر ارادة الاسيرة المحررة اسراء جعابيص التي حلقت وهي في سجنها وتجاوزت كل الاسوار دخلت كل البيوت بعد أن تحولت الى رمز للاسيرات الفلسطينيات و أيقونة لنضال كل أم و كل امرأة فلسطينية تعرضت للاعتقال بسبب ظلم الاحتلال , ثماني سنوات قضتها اسراء في السجن تاركة خلفها طفلها المعتصم ابن التسع سنوات ينتظر عودتها ..اسراء برغم ما في داخلها من جروح و ما ظهر على و وجهها من حروق وما خفي أيضا من جروح على خمسين بالمائة من جسدها لا تستعطف أحدا حين تتحدث عن وجيعتها التي ضمنتها في كتابها “موجوعة ” كتاب دونته سرا خلف القضبان في اصراراستثنائي على قهر السجان الذي منع الاقلام و الاوراق على الاسيرات بعد عملية طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر الماضي وكسر مكتسبات الحركة الاسيرة في مواجهتها لوحش الاحتلال الاسرائيلي .تعرض أكثر من خمسين بالمائة من جسدها ووجهها للحرق واجري عليها حتى الان سبع عمليات و لا تزال تحتاج المزيد ..

في السجن حاول السجان كسر ارادتها بعد الحروق العميقة التي أصابتها و غيرت ملامح وجهها و لكنها كانت ترد بأنها ترى نفسها أقوى و اقدر على مواجهة المستقبل ..وجدت في الاسيرات القاصرات حصنا لها و عنوانا للامل المصادر فاستعادت دور الحكواتي الذي كانت تقوم به قبل الاسر وعندما ادركت قبول الفتيات لها ازدادت اطمئنانا اقبلت على الكتابة وعلى التعلم و الرسم و لم تستسلم لمحاولات الاذلال و الابتزاز, حتى طفلها المعتصم الذي راها أول مرة بعد اصابتها و بعد أن كان طلب منها ألا تاتي الى المدرسة عندما تغادر السجن حتى لا يراها أصدقاءه عاد و أعلمها أنه يراها أجمل مما كانت و أنه يريدها أن تاتي الى المدرسة ليراها رفاقه..هب بعض من تفاصيل المعاناة مع ظلم السجان و تداعيات الاهمال الطبي الذي تعرضت له بعد الحروق البليغة التي تعرضت لها في وجهها و جسدها …

في الحديث الى اسراء الاسيرة المحررة تأكيد بالاضافة الى ما سبق أنها و غيرها من الاسيرات لسن مجرد رقم في سجلات الاحتلال بل عنوان ومحطة من محطات النضال النسوي الفلسطيني في مجتمع لا فرق فيه بين رجل وامرأة في مواجهة خطر الاحتلال ..

-اقتلاع الالم من الداخل يحتاج اقتلاع الالم من جذوره

تقول اسراء جعابيص “نعم مازلت موجوعة و سابقى موجوعة الى أن يتغير الحال , حال البلد وحال شعبنا و حال اهلنا و أحبابنا و حال السياسة و كل ما نراه و ما نسمعه و ما نعيشه و بالتالي لا يمكن ازالة الالم بالداخل قبل اقتلاع الالم من جذوره “و تضيف اسراء جعابيص “لقد غادرت سجني في 26 نوفمبر 2023 انتهت حياة السجن و بدأت معي حياة اللجوء و رحلة العلاج مرت كل الجزئيات التي عشتها و بدأت مرحلة أخرى اعيشها لاول مرة .

عن معاناتها في سجون الاحتلال تقول الاسيرة المحررة “قضيت تسع سنوات في حالة اهمال طبي فرض علي لتعميق الالم , صبرت على المي و ألم غيري علي “, تعرضت اسراء لعملية بتر اصابع في السجن و رفض الاحتلال أن تعايج واعتبر أن العمليات الجراحية التي تحتاجها تجميلية وليست عضوية , تعرضت في 2023 الى عملية جراحية وحشية بقيت اثارها عالقة في مخيلتها حتى اليوم .تقول اسراء كانت العملية وكأنك تشتري لحمة .

اسراء ترفض أن تظل أسيرة ما عاشت عليه من قهر و ظلم في سجون الاحتلال وهي تعتبرأن المحنة تعزز ارادة الانسان في مواصلة أهدافه وهي تعتبرأن الدرس الاكبر في غزة أن الاهالي رغم كل المظالم والقهر و الحصار والعدوان الذي يتعرضون له يبدعون في مواجهة قيود الاحتلال …

-من السجن الى رحلة اللجوء للعلاج

ما هي تهمة اسراء تقول محدثتنا “وجه لي الاحتلال عدة تهم بينها عملية تفجير في مدينة القدس و خارج المحسوم وهو أحد الحواجز الامنية .

عن ظروف الاحتلال تقول الاسيرة المحررة “لقد مرت هذه الظروف ولكنها مازالت عالقة في الذاكرة الجروح يمكن تطيب و لكن الجروح النفسية لا تطيب , خرجت من السجن و لكن لم أتخلص من جراح السجون و من الالم والاوجاع وهي مؤلمة وسيئة من ابسط الى أخطر تفاصيلها ,فعملية نقل الاسير من المعتقل الى المحكمة رحلة عذاب ,سيارة النقل وسيلة تعذيب للاسير سيارات متعفنة و روائح كريهة و مشتركة مع الكلاب يتعمد السائق السرعة فيتعرض الاسير للاهتزاز و يرتطم في الحديد ,أما المحاكمة فهي اساءة لكل أسير السجان يعتبر الاسير عدوه .

-من سجن شارون الى الدامون

عن رحلتها بين السجون تقول اسراء “كانت بين سجن شارون حيث قضيت خمس سنوات و معتقل الدامون حيث قضيت ثلاث سنوات قبل أن يتم الافراج في بداية السنة التاسعة .عن ظروف الاعتقال تقول اسراء وهي تطلق زفرة “طبعا هي ظروف قاسية بدءا من النظام الغذائي المقرف وهو طعام لا ترضى به الحيوانات و ليس البشر كل ذلك لاستفزاز الاسرى الى المماطلة في العلاج وعدم توفر طب نسائي حتى أن احدى الاسيرات خرجت دون رحم .

-معاناة مضاعفة بسبب السجينات القاصرات

تقول اسراء أن وجود السجينات القاصرات كان يخفف عنها مأساة الانفصال عن طفلها و كانت تجد معهن ما يخفف المعاناة و لكنها كانت تعتبر في نفس الوقت ان وجود فتيات في سجون الاحتلال ظلم كبير و تستحضر تجربة من كن معها “هناك أيضا مأساة الاسيرات القاصرات وأذكر ملك سلمان ومرح بكير التي كانت تحمل 13 رصاصة في ذراعها , ونورهان عوض كنت اتألم لاجلهن فقد كن اطفال وما كان لهم ان يواجهن كل هذه الاعتداءات والاهانات ايضا بوجود الات الكاميرا الموضوعة في الساحة تحت اشراف سجانين وسجانات كانت تحمل مزيد الاهانة .كنت كلما انتقلت من معتقل الى معتقل أومن المعتقل الى المستشفى أو حتى من زنزانة الى زنزانة كنت موثقة الاطراف .بعد السابع من اكتوبر صادروا التلفزيون و صادروا الراديو ولكننا كحركة أسيرة كنا نحاول استباق ما يجري والاحتياط بحيث نتمكن من اقتناء رايدو صغير من السجن ونتابع الاخبار .

-ماذا عن غزة ؟

اليوم ازاء ما يجري في غزة وفيما تقترب حرب الابادة في غزة من سنتها الثانية على التوالي كيف تنظر اسراء جعابيض الى المشهد الفلسطيني وكيف علمت اسراء بانها ستكون ضمن صفقة التبادل , عن هذا السؤال تقول الاسيرة المقدسية المحررة “اولا لا بد من الاشارة ان خروجي من السجن لا يعني نهاية الالم والوجيعة ممنونة للمقاومة ولغزة بهذه الحرية , علمت باني ضمن صفقة التبادل عبر التلفزيون عندما قرأوا القائمة و لم أكن أعلم قبل ذلك بان اسمي مطروح .الان علينا الخروج من دائرة الفرجة على غزة لايقاف هذه الابادة المستمرة .حتى الان للاسف ليس هناك تحرك جدي لايقاف جرائم الاحتلال في غزة , هناك الكثير من الشعارات وهناك أيضا دعم معنوي وفي ذلك رسالة مهمة لغزة ولكن هذا غير كاف ولا يساعد على تغيير الاوضاع .

-ماذا لواختار ابنك المعتصم طريق والدته .؟

ردت اسراء “اتمنى ان يكون من اول المجاهدين طبعا في هذا الزمن أي ام تخاف على ابنها من الجريمة و المخدرات وكل مخاطرالحياة ولكن خوف من خوف يفرق .

وتستطرد قائلة “كان عمر المعتصم تسع سنين عندما دخلت السجن تركته طفلا و خرجت لاجده شابا لقد سرق الاحتلال منا الكثير من الاشياء و كانت زيارات ابني في السجن تمنحني الامل و القدرة على الصبر .قررت الانفصال عن زوجي و أنا في السجن حتى لا ارهن حياته .اذا بقينا نفكر في الماضي لا يمكن أن نضيف شيئا لا بد أن ننسى بعض الجروح هناك مثل يقول “الجرح يطيب و الندبة ما تطيب ” .

في السجن كان لديك امكانية تدوين تجربتك و تقديم كتابات عن تلك التجربة كيف كان ذلك عن تجربة أدب السجون تقول اسراء صدر لي اكثر من عنوان بينها “موجوعة ” ساقوم بتوقيعه في معرض الكتاب بتونس و “فضفضات “و لدي كتابات اخرى لم تر النور بعد و منها “كيف اكون أنا من جديد”الى جانب بحوث و تقارير و كتابات نثرية و منها “خواطر بمعنويات صغيرا وقف “بمعنى انها خواطر بمعنويات ابني معتصم الذي كان سندي في السجن و كان يردد كلما زارني كلمات تشجعني انت قوية انت جميلة لما تطلعي رح نشري بسكليت و نتجول مع بعض كان يخطط للمستقبل و يعطيني بذلك شحنة امل كنت في حاجة لها بعد كل الذي اصابني .كتابة السجون تحاكي الانسانية و هي ترجمة لكل تفاصيل السجن مع السجان و الظروف المعيشية و الظلم و الانتهاكات و الظرف اليومية و الاهمال الطبي .كنت احيانا انسى المي وانا ارى حال بقية السجينات نساء متقدمات في السن يتعرضن للاهانة و الظلم و اطفال يقبعن في السجن و يتعرضن للرش بالغازاذكر ان عدد السجينات كان يزيد في السجون سواء بالنسبة للنساء او الرجال كان هناك دوما مزيد الاعتقالات اذكر ايضا شتيلا ابو عيادة دخلت السجن و سنها 21 عاما في 2016 و هي محكومة ب36 سنة سجن و المناضلة خالدة جرار التي اعتقلت اكثر من مرة و كنت رأيتها في السجن أربع مرات فقدت امها ثم ابوها ثم ابنتها وهي في السجن.

-من هي اسراء جعابيص ؟

تركنا سؤال البحث عن اسراء جعابيص حتى نهاية الحوار و طرحنا على ضيفة معرض الكتاب بتونس بعد هذه الرحلة الموجعة مع الاعتقال والظلم من هي اسراء جعابيص التي تجاوزت قصتها سجون الاحتلال وعبرت الى كل اصقاع الارض لتتحدث عن فلسطين الموجوعة كما اسراء الموجوعة .

اسراء جميل الجعابيص أسيرة فلسطينية محررة أصيلة

منطقة جبل المكبر القدس تحمل هوية القدس، اعتقلت في 2015 ’ و قبل ذلك كانت تدرس بالكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس.

في 11 أكتوبر 2015 كانت في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس كعادتها كل يوم وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وعندما وصلت إسراء قبل حاجز الزعيم بأكثر من 1500متر تعطلت السيارة قربَ حاجز عسكري ، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين القريبين من المكان و لكن بدل اسعافها تم ايقافها بتهمة محاولة استهداف الجنود . تعرضت اسراء لحرق نحو خمسي بالمائة من جسمها ووجهها و لا تزال اثار الحروق واضحة بعد اجراء سبع عمليات منذ انتقالها الى الاردن . بعد مداولات استم رت عاما أصدر الاحتلال بحقها حكما بالسجن مدة أحد عامًا، وغرامة مالية في الخامس عشر من نوفمبر تم تحريرها في ثاني صفقة تبادل للاسرى بين الاحتلال و حركة حماس ., تصدَّرت الحملةَ الدولية للتضامن مع الأسيرة إسراء جعابيص 2021 المؤسسةُ الدولية للتضامن مع الأسرى “تضامن”، معلنةً أنها بحاجة إلى ثماني عمليات عاجلة في عينيها ووجهها ولفصل أذنيها الملتصقتين برأسها، ولعلاج إصابات بالغة في يديها، إضافة إلى ما تعانيه من ارتفاع درجات الحرارة دائمًا، ويحتاج علاجها إلى سنوات من التأهيل الجسدي والنفسي. وبسبب تأكُّل معظم أصابعها نتيجة الحريق والإصابة، لا تستطيع إسراء تناول الطعام ولا القيام بأدنى مهام المعيشة اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *